كلمات فريدة ..

لم أره منذ أشهر طويلة .. ولكن ما أن عاد في هذه الايام حتى أخذ ، كعادته ، ينقر نافذتي بأطراف اصابعه المبللة ويمارس عمله النبيل بتفان واتقان ..
يروي ظمأ الأرض ،يطهر الطبيعة من غبار الفصول ، ينهمر فوق قلوب الناس ، يبلل اليبس الذي أصاب مفاصل الروح ويرطب أحاسيس العجز والخوف .. ويغسلنا من زيف الحياة ..
تسمرت خلف شباك الغرفة ، أراقبه ، وأتأمل حركاته ..
هذه قطرة وقفت تمرح وتلهو بين صديقاتها على المفرق القريب ، وأخرى استلقت باسترخاء على أطراف الرصيف ، وهذه واحدة أخرى تساقطت أمام ناظري مسلمة نفسها للقدر ، موقنة أن مصيرها أن تنتهي لتعود وتجدد العطاء بكل سخاء ..
ثمة شيء ما في هطول المطر يدهشني .. يفتنني .. ويجعلني أشعر وكأنني أراه يسقط أول مرة..
أرقب ذلك الحب العنيف الجامح بين حبات المطر والارض الظمآى ..
أرقب تلك القطرات وهي تلامس وجه الارض الشاحب بهدوء وشفافية وانسيابية مفرطة ، فتدغدغ رحم الأرض وتهمس بأذنها ان تتهيأ لانبعاث جديد .
ينساب المطر بجرأة وقوة بين ثنايا أخاديد الارض وشعابها ، فيوقظ صمتها وسكونها ، فتهتز لتنفض غبار الزمن الذي تراكم على جبينها ..
تفوح رائحة التراب المبتلّ .. تتسلل إلى شراييني فتشيع دفئا ونبضا حميميا في عروقي .. ألتزم الصمت ، أصغي بامعان لسمفونية المياه المتراكضة في مجاري الأزقة ، وصوت تصفيق المزاريب التي تحتفل بعودة الحياة إليها ..
تواصل قطرات المطر تساقطها مثل حبات الماس .. فتحزم الشمس أمتعتها وترحل الى أقاصي حدود العالم باحثة عن ملجأ يقيها من البلل .. يكشر البرد عن أنيابه فتلف الطبيعة حول عنقها شالها الصوفي القاتم ، لحظات قبل أن يتطاير البرق من عيون السماء ويهدر الرعد سكون الكون ...
أعترف ان علاقتي بالمطر متقلبة ، وأحيانا مضطربة ، تماما مثل فصل الخريف ، فتارة أشعر بأنني على استعداد كامل للتفاهم معه وأنني قادرة على فعل ذلك بمهارة فائقة ، وفي أحيان أخرى أعجز عن التحاور معه ، ولست ادري إن كان ذلك له علاقة بحبي لغيره من فصول السنة أو لانني لا احتمل الحيادية التي تمارسها الشمس في المواسم الماطرة !
ولكن مهما كان أشعر ان المطر جاء في وقته المناسب .. التربة التي تشققت شفاهها ترجو مطرا يروي ظمأها ، الأشجار العارية تستجدي عطف السماء ، الأعشاب الصغيرة المتيبسة تتوسل حبات مطر تعيد اليها نضارتها ..
وهكذا حين يطغى الجفاف ويسري في عروق الطبيعة ، ينطلق الكون برحلة مطرية .. فترتدي السماء كنزتها الرمادية ويوصد القمر أزرار سترته الشتوية ، وتنفخ الريح مزاميرها في سيقان الورود العابسة .. ويرزح الضجر السميك من فوق الأغصانِ العارية ، حينها فقط ينهمر المطر بسخاء ليطبع قبلة دافئة على ثغر الأرض .. قبلة تحكي قصة عشق أزلية بين أرض عطشى وسماء سخية تنسج بأهدابها الأمل والفرح والإنتعاش !

في غرفتك المظلمة .. لاتسمع سوى .. صوت وقوع المطر
على نافذتك..!
تتناثر قطرات المطر
بهدوء ورقـّة
وكأنها تهمس ,, في آذاننا
بصوت خافت
تفاءلوا
مازالت [الحياة] مستمره ومازال .. الأمل موجودا
مازالت تلك القطرات .. تنهمر
وتطرق نافذتك بلطف ..
فتذهب .. لتتأملها .. عن قرب
وتقف أمام .. النافذه.
تراقب .. جمال [ المطر ] فترتسم عليك ..
[الابتسامه]
وتنسى .. همومك
ولو للحظات بسيطه .. وتشعر .. بالحنين إلى كل شي ..!
إلى [طفولتك]
وإلى تلك .. السنوات
التي مضت من .. عمرك
ستحن إلى قلوب [افتقدتها] وأحاسيس نسيتها ..!
ستغمض [عيـنك]
وتسترجع شريط .. أحلامك .. بحب
ستنسى .. كل ما بقلبك
من نقاط [سوداء]
عندما ترى .. نقاء المطر
تذكّر كل .. صفاتك الجميله
التي نسيتها .. بفعل
متاعب .. [الحياة] والأوقات القاسيه ..
وليالي السهر الحزينه
تذكر كل .. ماكنت تفعله
قبل أن يدخل شعور البؤس إلى قلبـــك .. بسبب
حب انتهى .. أو حلم تلاشى
أو صدمااات .. أخترقت [قلبك] ومنها تشبّع .. وترتوى ..
تذكّر أنك ..كنت [ رائعـــاً ] ومازلت كذلك .. !
لكنك نسيت ..نفسك بين متاعبك
وتركتها ضحية لأحزانك .. ولأحقاد غيرك وظلمهم
فلاتظلم نفسك .. بأن تقيدها .. بالحزن
ألا يكفيها قهر الزمن .. وظلم البشر ..!!
مازال [المطر] ينهمر .. ويشتد وقع صوت تلك القطرات على نافذتك
فتصحو من أحلامك .. ! وتشعر بضيف يريد دخول غرفتك
تفتح النافذة ,,آذناً لها [بالدخول]
فتحتويك تلك الرائحه .. الرائعه
التي تغلف .. قلبك [بالحياة]
انها “رائحة المطر” ..
هنــــــا أهمـــــس لـك :
أجعل من نافذة غرفتك وكأنها … نافذة حياتك
واجعل من قطرات المطر … [أمـــــــلا] واسمح له بالدخول…
ليس على غرفتك فحسب
بل إلى … حيــــــــاتك وتفاءل.
عش محباً .. لنفسك .. وصادقاً معها ..
كي تحب حياتك ..وكي تعيشها .. بكل معانيها
وغلّف بالحــب .. كل القلوب .. التي تراها
أجعل من قلبك .. وطنــا يحمل حب
ألآخرين .. ويحمل .. [أحلامك]
حتى وأن تلاشت تلك ألقلوب ..
أو تلك الأحلام ..
فلا تنسى قلبك ..
فمازال وطنــاً ..
ما أفتقدته سيترك .. لك بصمات مؤلمه ..
لكنك تستطيع أستبدلها .. بحب الناس والحياة ..
ولاتقتنع بأن القلب مدينة واحده ..
بل هو وطن .. أن كان قلباً صادقــاً ..
وأفهم أنكَ لا تستطيع زرع وروداً “حمـــراء” في كـــــل .. قلوب .. [تحبها]
لكنك تستطيع أن تزرع .. ورود “بيضــــــاء” رائعه فيها ..!!

ميرسي سراج على مرورك الجميل نورتينا بالمنتدى ربنا ما يحرمنا منك