كم شعرت بالفخر حين قرأت قصة أم سُلَيم زوج أبي طلحة الأنصاري
رضي الله عنهما وأرضاهما
فهذه الصحابية الجليلة خطّت مسارين عظيمين للنساء
بل والرجال
أحدهما : ألصبر والذي هو من أجلّ العبادات لله سبحانه
وتعالى
والثاني : ألحكمة في التصرف مع الزوج حين البلاء فما بالكم حين الإطمئنان
لقد كان لأبي طلحة وزوجه أم سُليم إبنا لم يزل صغيرا
وكلنا يعلم معزة الطفل عند أبويه وخصوصا الأم التي جعل الله تعالى في قلبها رحمة وعطفا
على أولادها لا حدود له ، فمرض هذا الطفل وفي يوم وبينما كان أبو طلحة خارج المنزل مات
الطفل ، فما كان من أم سليم إلاّ أن قامت بتجهيز جسد ابنها من دون أن تُخبر أحدا بخبر
موته ،
وعاد أبو طلحة إلى بيته فاستقبلته كما تفعل كل يوم من دون أن تُشعره بشيء أبدا بل عندما
سألها عن ولده قالت : قد هدأت نفسه وأرجو أن يكون قد استراح ثم قامت
بتقديم العشاء له فأكل مطمئنا ، وفوق ذلك تزينت لزوجها حتى قضيا الليلة كأنهما
عروسان ،
وفي الصباح بادرته بالقول : يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا أهل بيت عاريه فطلبوا
عاريتهم ، ألهم أن يمنعوهم ؟
فقال : لا ، ليس لهم ذلك ، فقالت : فاحتسب ابنك ... وأخبرته بموت ابنه
وذهب أبو طلحة ليخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما حصل ، فقال له صلى الله عليه وسلم
( لعل الله يبارك لكما في ليلتكما ) . فاستجاب الله سبحانه وتعالى دعاء نبيه ورزقهما بولد
وجاءوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضغ تمرة وأخذ منها شيئا فوضعه في فم الطفل
وسماه عبدالله ، فنالته البركة من الله تعالى وخرج من نسله تسعة أولاد كلهم من حفظة
كتاب الله .
وهكذا تعلمنا هذه الصحابية الجليلة درسا في التربية فيه من
العظة والحكمة ما يكون من بركة الله في ثمره خيرا كثيرا . فلله درُّهم أصحاب النبي وأي
مدرسة تخرجوا منها ، فصلى الله وسلم على نبينا المعلم والحمد لله على دين الإسلام
خير مدرسة في الحياة