التفسير المطول -سورة الفاتحة - 001 - الدرس (2-2) : تفسير الأيات 2-2 ، الحمد والتوحيد
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1985-09-13
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الحمد حالة نفسية مبنية على معرفة بفضل الله عز وجل:
أيها الأخوة المؤمنون لا زلنا في سورة الفاتحة، وفي الدرس الماضي وضحت بتوفيق الله عز وجل معنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ومعنى بسم الله الرحمن الرحيم، وشرحنا طرفاً من قوله تعالى الحمد لله رب العالمين، كلمة الحمد كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( الحمد رأس الشكر ما شكر اللهَ عبدٌ لا يحمده.))
[عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عمرو]
الحمد حالة نفسية مبنية على معرفة بفضل الله عز وجل، فالكلمة الأولى في الإسلام "الحمد لله"، "الحمد لله" على إيجادنا، فأول نعمة هي نعمة الإيجاد، فلان الفلاني ابن فلان وُلِد في دمشق عام كذا، من أخرجك إلى هذا الوجود، قال تعالى:
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1) ﴾
(سورة الإنسان)
إذا ولدت عام ثمانية وثلاثين فأين كنت عام ستة وثلاثين ؟ إذا وقع تحت يديك كتاب طُبع عام ثلاثين أين كنت حينما طُبع هذا الكتاب ؟ لم تكن شيئاً مذكوراً، "الحمد لله" على نعمة الإيجاد، و"الحمد لله" على نعمة الإمداد، أمدنا بكل ما نحتاج، و"الحمد لله" على نعمة الإرشاد، الإيجاد، والإمداد، والإرشاد، قال تعالى:
﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) ﴾
(سورة الحجرات)
الحمد مقياس للقرب من الله عز وجل:
كلمة "الحمد لله" إحدى أكبر شعارات المؤمن، "الحمد لله" على السراء وعلى الضراء، على الصحة وعلى المرض، على إقبال الدنيا وعلى إدبارها، على الغنى وعلى الفقر، على الزواج، وقبل الزواج، وبعد الزواج، "الحمد لله" تعني أنك تعرف أن لهذا الكون إلهاً عظيماً، هو على كل شيء قدير، فإذا حرمك من شيء فهذا حرمان معالجة لا حرمان عجز، "الحمد لله" تعني أن الذي خلقك يحبك، يحبك أكثر مما تحب نفسك لذلك يعالجك ولولا المعالجة لما اهتديت.
موضوع "الحمد لله" موضوع واسع جداً، لكن علماء البلاغة قالوا: الحمد مسلَّم به، لكن لمن ؟ ربنا قال: لله، كلمة الحمد تقتضي وجود نِعَم، والنِّعم ظاهرة لا ينكرها جاحد، حتى الذي ينكر وجود الله لا ينكر النعم، يقول لك: الطبيعة، استثمار المياه في الطبيعة، استثمار الخيرات، تحسين النسل، هذه موضوعات يعالجها الكفرة أيضاً، فالنعم لا ينكرها أحد، حتى الذين أنكروا وجود الله عز وجل لا يستطيعون إنكار النعم، الهواء، الماء، الطعام، الشراب، النبات، الأسماك، الأطيار، الأزهار، هذه الشروط الدقيقة جداً التي خلقها الله عز وجل موافقةً لطبيعتنا، هذه نِعم لا ينكرها أحد، ولكن المشكلة في الآية أن الحمدَ لله فقط، أما أهل الدنيا فإنهم يحمدُ بعضهم بعضاً ويشكرُ بعضهم بعضاً.
"الحمد لله" ؛ فصار الحمد أمراً مؤكداً لا يمكن أن تحمد الله إلا إذا عرفته، وقبل أن تعرفه لا تحمده، بل تحمد أنداداً له، تحمد شركاء تظنهم شركاءه، فالحمد تقتضي المعرفة، لذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سُمي محمداً لأنه أحمد الخلق قاطبةً، ما من مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى حمده أكثر منه عليه الصلاة والسلام، كأن الحمد مقياس للقرب من الله عز وجل، سيد الحامدين هو سيد الخلق، فاسم أحمد، ومحمد، وحامد، هذه كلها من الحمد، والله سبحانه وتعالى خلق لنا النِّعم، وعلمنا كيف نحمده عليها، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، كيف أثنى الله على نفسه ؟ بقوله تعالى:
﴿ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) ﴾
لذلك فإن النبي الكريم قال:
(( عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له.))
[مسلم عن صهيب]
الفرق بين المؤمن وغير المؤمن حالة الحمد التي يعيشها المؤمن:
(( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أتاه الأمر يسره قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا أتاه الأمر يكرهه قال: الحمد لله على كل حال.))
[البيهقي عن عائشة]
إذا أردت فرقاً أساسياً بين المؤمن وغير المؤمن لا أقول: كلمة الحمد التي يقولها الناس جميعاً، بل حالة الحمد، المؤمن يعيش حالةً دائمةً من الحمد لله عز وجل، فهو شاكر، جاء من أسرة فقيرة "الحمد لله"، رزقه الله زوجة ليست صالحة، كيف يفهم هذا الأمر ؟ يفهم هذا الأمر أن الله سبحانه وتعالى رزقه هذه الزوجة ليصلحها، ويكسب بها أجراً عند الله كبيراً، رزقه الله أولاداً ذكوراً "الحمد لله"، وإن رزقه إناثاً "الحمد لله"، ذكوراً وإناثاً "الحمد لله"، جعله الله عقيماً "الحمد لله"، له وظيفة متعبة "الحمد لله"، مريحة "الحمد لله"، دخلها قليل "الحمد لله"، كبير "الحمد لله"، ولكن هناك نقطة دقيقة جداً، إياكم أن تفهموا من هذا الكلام أنه في أي وضع تحمد الله عليه ولا تحاول تحسين هذا الوضع، لا، هذا يتنافى مع أخلاق المؤمن، هو يحاول تحسين وضعه المادي، يحاول تحسين وضعه العلمي، يحاول رفع مستواه في كل الميادين، فإذا بذل كل طاقته، ووصل إلى هذا المستوى، وليس في إمكانه أن يتجاوزه فيقول: "الحمد لله"، هنا "الحمد لله".
قدم طالبٌ امتحاناً ولم ينجح "الحمد لله"، إذا كنت باذلاً جهدك كله فقل "الحمد لله"، لكن إذا ما درست فهذا جزاء التقصير، ليس له علاقة بالحمد، هذا جزاء التقصير، عندما يبذل الإنسان كل جهده، ولا يُحقق مطلبه عندئذ "الحمد لله" على كل حال.
كأني أقول: إن الفرق بين المؤمن وغير المؤمن، لا أقول كلمة الحمد، بل حالة الحمد التي يحياها، المؤمن لِمَ يحمد الله ؟ لأن الله بيده كل شيء، لا إله إلا الله، وهو الغني، لم تهطل أمطار "الحمد لله"، وهو القدير على كل شيء، ليس لله عز وجل أندادٌ يمنعونه من أي تصرفٍ، صغيراً كان أم كبيراً، وهو الغني والقدير.
النعم لا ينكرها أحد ولكن المشكلة في أن هذه النعم تُعزى لغير الله:
أنت تعمـل في دائرة مثلاً، المعلومات تصل إلى من هو فوقك غير صحيحة، يثنى على المقصر، ويذم المجتهد، أما العلم الصحيح فهو عند الله، لأنه سبحانه عليم، هو الغني، هو القدير، هو العليم، هو السميع، وهو القريب، تكلمت أم لم تتكلم يعلم السر وأخفى، لماذا "الحمد لله" ؟ لأنه لا إله إلا الله أولاً، لا إله إلا الله الغني، قال تعالى:
﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) ﴾
(سورة الحجر)
إله إلا الله القدير، هو الواحد القهار، والله يحكم لا معقب لحكمه، القاضي مثلاً يحكم في قضية ثم ترفع إلى قاض آخر أعلى منه فينقض حكمه، لكن الله سبحانه يحكم لا معقب لحكمه، "الحمد لله" لأنه لا إله إلا الله، و"الحمد لله" لأنه غني، و"الحمد لله" لأنه قوي، و"الحمد لله" لأنه سميع، و"الحمد لله" لأنه بصير، و"الحمد لله" لأنه عليم، و"الحمد لله" لأنه رحيم، فلمَ لا تحمد الله عز وجل ؟
الحقيقة إذا عرفت أسماء الله فلا تحزن أبداً على أي حال كنت، لأنك لا ترى إلا حكمة بالغةً في تصرفات الله عز وجل، فالآية في مبدئها تشير إلى أن النعم التي أسبغها الله علينا ظاهرة، وجلية، وواضحة، وناصعة، وهي كالشمس، لا يستطيع أحد على ظهر الأرض أن ينكرها، ولكن المشكلة أن هذه النعم تُعزى لغير الله، جاء قوله تعالى:
﴿ الحَمْدُ لِلَّهِ (2) ﴾
(( إن الجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلي العباد نازل، وشرهم إليّ صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي )).
[ الجامع الصغير عن أبي الدرداء بسند ضعيف ]
النعم لا ينكرها أحد، ولكن المشكلة في أن هذه النعم تُعزى لغير الله:
﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) ﴾
(سورة يوسف)
المؤمن كلما تفتحت بصيرته يرى أن كل من يقـدم له خدمةً في الحياة إنما هي بفضل الله:
قد يرى بعضهم أن فلاناً الفلاني بيده نفعه وضره، هذا إشراك، قد يرى أن هذه الزوجة ملجأ له وملاذ، ولولا أن الله سبحانه وتعالى جعلها سكناً لك، ولولا أن الله سبحانه وتعالى ألقى في قلبها محبتك، أو ألقى في قلبها رجاءك لَمَا خدمتك، فالمؤمن كلما تفتحـت بصيرته يرى أن كل من يقـدم له خدمةً في الحياة إنما هي بفضل الله، وبإذن الله، والحمد لله وحده، فلذلك نعمة الصحة نعمة كبرى، وليس العجب أن يمرض الإنسان، بل العجب ألا يمرض، لأن هناك آلاف الآلاف من الشروط التي تتوافر جميعها كي تقول صباحاً: "الحمد لله رب العالمين"، الأجهزة لديك تعمل، جهاز الهضم، بدءاً من الفم، إلى اللعاب، إلى البلعوم، إلى لسان المزمار، إلى المريء، إلى المعدة، إلى البنكرياس، إلى الإثني عشر، خلايا الامتصاص في الأمعاء الدقيقة، الأمعاء الغليظة، جهاز التصفية البولية إلى الكليتين، جهاز القلب إلى الرئتين، العضلات، العظام، الجلد، هذا كله يعمل بانتظام، الجهاز الودي النظير، الجهاز العصبي، الجهاز الهرموني، الغدة النخامية، الغدة الدرقية، غدة الكظر، البنكرياس كله يعمل بانتظام، "الحمد لله"، هذه معجزة، أن تستيقظ صباحاً وتحس أنك بصحة تامة "الحمد لله".
أكلـت طعاماً، مَن خَلَقـه ؟ من سخره ؟ من جعلـه مناسباً لنا ؟ طعماً، ولوناً، ورائحةً، وقواماً، ومضموناً، وغذاءً، من نَوَّع هذه الأغذية ؟ البروتينات، والفيتامينات، والسكريات، والمواد الدسمة، من وزعها على هذا الطعام الذي بين أيدينا ؟ إذا أكلت لقمة خبز فمن خلق القمح ؟ الأرض، والقمر، والشمس، والبحار اشتركت في صنع هذا الرغيف، إن شربت كأس ماء من سخره لك ؟ إن لترَ الماء المحلى في دول النفط يكلف ثلاثة ريالات، أيْ عشر ليرات سورية تقريباً، هذا الينبوع ينبوع عين الفيجة الذي سخره الله لنا، والذي بلغني مؤخراً أن حوضه الجيولوجي يمتد إلى حدود كبيرة جداً، من سخره لنا ماءً عذباً فراتاً ؟ "الحمد لله" على كأس الماء، "الحمد لله" على رغيف الخبز، "الحمد لله" على هذه التفاحة التي تأكلها، إياك أن تظن أنك دفعت ثمنهـا لا، دفعت ثمن خدمتها، لو اجتمع أهل الأرض لا يستطيعون صنع تفاحة واحدة، من جعل هذه الكميات بكميات معقولة، لو كان التفاح قليلاً جداً لكان ثمن الكيلو مئتي ليرة، من يأكله إذاً ؟ من الذي عمل تناسباً بين الإنسان ومتطلباته ؟ لو أن الدجاجة تبيض في السنة بيضة لكان ثمنها ألف ليرة، أما إذا كانت تبيض كل يوم بيضة فثمنها نصف ليرة هذه معقولة، إذاً "الحمد لله"، الحليب، البيض، الجبن، اللحوم، هذه كلها من نعم الله، فهذه النعم لا يستطيع أحد أن ينكرها، لكن المشكلة في أن أهل الأرض معظمهم يعزونها إلى غير الله فجاء قوله تعالى:
﴿ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) ﴾
"الحمد لله" كلمة تعني الله المسير:
كلما تعمقت في الإيمان بالحركة تحمده بالسكون، فإذا نظرت إلى ابنك قلت: "الحمد لله"، من جعله بهذه الصورة الحسنة، إذا نظرت إلى زوجتك، أو دخلت إلى بيتك، وأشعلت المدفئة، وأدرت المروحة، من سخر هذه القوى ؟ من أودع في الأرض هذه المادة التي تُسمى الطاقة، وعن طريقها تولدت الكهرباء ؟ "الحمد لله".
"الحمد لله" كلمة تعني الله المسير، هناك خالق ورب وإله، فالخالق الذي خلق، والرب هو الممد، والإله هو المسير، وتقريباً لأذهانكم أقول: هذه السيارة لها معمل صنعها، وتحتاج إلى إمداد مستمر بالزيت والوقود، وما إلى ذلك، وتحتاج إلى من يقودها، فالذي يسيرها اسمه المسيِّر، والذي يمدها اسمه الرب، والذي صنعها اسمه الخالق، فإذاً "الحمد لله" لأن أمورك جميعها، صغيرها وكبيرها، عظيمها وحقيرها، دقيقها وكبيرها، بيد الله عز وجل، إليه يُرجع الأمر كله، هذا هو التوحيد.
إذا كنت تريـد أن تلخص الإسلام في كلمات ففي كلمة " لا إله إلا الله"، وكلمة "الحمد لله" هو كل شيء، ويحمد على كل شيء، وهو الأول، والآخر، والظاهر، والباطن، يحمد على كل شيء، و"الحمد لله" الذي لا يُحمد على مكروه سواه.
ما من حادث يقع، ما من مصيبة تقع، ما من فقر ينزل بإنسان، ما من مرض يلحق بجسم إنسان إلا بأمر الله، قال تعالى:
﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) ﴾
(سورة الحديد)
وقال:
﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) ﴾
(سورة آل عمران)
هذا هو التوحيد، وهذا هو الحمد، وكأنني بهذه الآية أدرك أن عبارة "الحمد لله" جمعت لا إله إلا الله والحمد لله.
الدين كله توحيد وحمد:
"الحمد لله" جمعت التوحيد والحمد، وهذا هو الدين كله، توحيد وحمد، وبعد النظر إلى المشركين تجد الشركَ وسخطَ الكافر السماتِ العميقةَ بتفكيره وتصرفاته، أول شيء لديه الشرك، فلان، وفلان، وفلان، يرجو فلاناً، يخاف فلاناً، يتمنى رضاء فلان، يحسب لفلان حساباً، يعيش بدوامة الشرك، قلبه فارغ، يكاد ينفطر خوفاً من فلان، يكاد يذوب حباً بفلان، النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((لو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً.))
[البخاري والبيهقي عن ابن عباس]
ليس هناك إنسان أحبَّ إنساناً على وجه الأرض كحبِّ سيدنا أبي بكر لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك "الحمد لله"، من سخر هذا الصديق لهذا النبي العظيم ؟ الله عز وجل، لو خُلِق الصِّديق عام ألف وخمسمئة وخمسين لما التقى معه، من جعله بعصره ؟ الله عز وجل، إذاً الحمد لله رب العالمين.
نسأل كل واحد منا: من جمعك بهذه الزوجة ؟ الله سبحانه وتعالى هو الذي قدَّر وجمع، من رزقك هؤلاء الأولاد ؟ الله سبحانه وتعالى، من أعطاك هذا الذكاء فحصلت، وأصبحت لك خبرات ترتزق منها ؟ الله سبحانه وتعالى، طبيب، محامٍ، مهندس، مدرس، خبير ببعض الحاجات، بيده مصلحة بأعلى مستوى تدر عليه أرباحاً طائلة، "الحمد لله"، لو أن نقطة دم كرأس الدبوس تجمدت في أحد شرايين الدماغ لفقدت كل ذاكرتك وخبراتك.
الكافر دائماً ساخط على كل شيء ويشك في حكمة الله:
فلان خبير بهذه المصلحة، عمله نظيف جداً، حتى تتمكن من إنجاز عمل عنده تحتاج إلى شهرين، الفضل لمن ؟ لله عز وجل، إن كنت طبيباً ناجحاً، أو مدرساً ناجحاً، أو تاجراً ناجحاً، أو صاحب معمل ناجحاً، أو كان عندك مشروع زراعي ناجحٌ، أو كنت أباً ناجحاً أو كنت موفقاً في زواجك فـ "الحمد لله" رب العالمين، هذا هو الدين كله توحيد وحمد، الكافر يحيا في شرك وسخط، الكافر دائماً ساخط على كل شيء، متشائم، دائماً يشك في حكمة الله، أحياناً يقول لك: فلان ليس أهلاً للنعمة، يستكثر نعمة الله على بعض عباده، ويستقلها على آخرين، كأنه شاك في حكمة الله، مع أنك لو تعمقت في الأمور وكُشف الغطاء، وأطلعنا الله على كل شيء لكان هذا هو الصواب و لقلنا: الحمد لله رب العالمين، قال تعالى:
﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ "الحمد لله" رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) ﴾
(سورة يونس)
تحدث في الأرض زلازل، وفيضانات، وبراكين، وأعمال عنف، وهناك قوي وضعيف، فيها صحة، فيها فقر مدقع، فيها مجاعات، الحمد لله رب العالمين، لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع.
لكن المشكلة أن هذه الحياة الدنيا بالنسبة إلى الدار الآخرة لا شيء، لذلك ربنا سبحانه وتعالى قد يضحي بها من أجل الهداية، فإذا أغلق صاحب المحل محله مثلاً والصانع نسي شمعة مشتعلة، وفي الساعة الثانية ليلاً أبلغوه أن المحل احترق، المحل فيه بضاعة بثلاثة ملايين، فإذا أخذ يصلي على أثر هذا الحريق فهذا عند الله حكمة بالغة، أما عند الناس فماذا يقولون ؟ ليت هذا الصانع لم ينس الشمعة مشتعلة، هي عند الله حكمة بالغة، لأن هذا المحل بكل هذه البضاعة التي احترقت إذا أثمر احتراق المحل توبة لصاحبه فهذا خير كبير لا يعلمه إلا عند الموت.
لو كُشفت للإنسان الحقائق لما اختار إلا أن يكون كما كان:
قال تعالى:
﴿ يَومَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَونَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُون (42) ﴾
(سورة يونس)
أي يُكشف عن كل شيء ساقه الله إليك،
﴿ وَيُدْعَونَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُون﴾
خجلاً، وصغاراً، وشعوراً بالخزي، والعار، وكانوا يدعون إلى السجود من قبل وهم سالمون، فـ"الحمد لله" رب العالمين، وقع هنا بعض العلماء في حيرة، أيهما أفضل كلمة "لا إله إلا الله" أم "الحمد لله" ؟
ملخص الملخص قال الإمام الغزالي: " ليس في الإمكان أبدع مما كان "، بعضهم فهمَ هذا الكلام فهماً مغلوطاً ؛ والصواب في فهم العبارة: ليس في إمكان المخلوق أبدع مما أعطاه الله عز وجل، الذي أعطاك الله عز وجل هو أنسب شيء إليك، ولو كُشفت لك الحقائق لما اخترت إلا أن تكون كما كنت.
بعض الناس يتمنى الغنى، بعض الناس يتمنى الصحة، لو كُشفت لك الحقائق لن تتمنى إلا أن تكون كما كنت لأن الله عز وجل يعلم ما كان، ويعلم ما يكون، ويعلم ما سيكون، ويعلم ما لم يكن، لو كان كيف كان يكون ؟ لذلك ليس في الإمكان أبدع مما كان.
هذه الزوجة أنسب امرأة لك، يقول معترضاً: لأن الحق على أمي، لا ليس الحق على أمك، خطبتها بسرعة، كانت مستعجلة، رأوها في الليل، وقعوا في الغش، ليس في الإمكان أبدع مما كان، علامة واحدة تصير مهندساً، ليس في الإمكان أبدع مما كان، اسمي ورد في القائمة، آخر اسم، كنت سأوفد في بعثة، ليس في الإمكان أبدع مما كان، لو نظرت إلى الأمور بعين التوحيد لرأيت أن الله وحده بيده كل شيء، قدَّم وأخر، سمح ومنع، يسَّر وعسَّر، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً:
(( إن الله إذا أحب إنفاذ أمر سلب كل ذي لب لبه.))
[الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس]
الذي ساقه الله إليك مبني على علم وحكمة وخبرة ورحمة:
قال تعالى:
﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) ﴾
(سورة الرعد)
وقال:
﴿ يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) ﴾
(سورة فاطر)
"الحمد لله" رب العالمين كلما تعمقت في الإيمان ازددت تمثلاً بهذه الآية، كم جزئية في حياتك ؟ أعتقد أن في حياة أحدنا خمسين ألف أو مئة ألف جزئية، نوع بيته، ذاكرته ضعيفة قليلاً، "الحمد لله" أنسب شيء معلوماته، ما عنده إمكانية لدخول فروع علمية، هكذا خلقني الله، أنا أحب الحفظ عند مذاكرة الدروس، الحمد لله رب العالمين، يعني إمكاناتك الفكرية والجسدية قدرُك، جعلك طويلاً وقوياً، أو جعلك ضعيفاً، جعلك من أسرة غنية، من أسرة فقيرة، جعلك في بيئة راقية في بيئة متخلفة، كله ليس في الإمكان أبدع مما كان، يعني ليس في إمكاني أبدع مما أعطاني، هذا الذي أعطاك الله عز وجل، لو كُشف لك الغطاء لما اخترت غيره، وقد يكون هذا الشيء طريقك إلى الجنة، الفقر هو الهادي، قال تعالى:
﴿ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) ﴾
(سورة الرعد)
يهتدي إنسان عن طريق الفقر، ويهتدي آخر عند موت أحد أقاربه، وثالث يهتدي بمصيبة مؤلمة، أو بإكرام كبير، هذا الذي ساقه الله إليك مبني على علم، وحكمة، وخبرة، ورحمة، "الحمد لله"، الله المسير الذي لا إله إلا الله، لا مسير غيره، لا رافع، ولا خافض، ولا معز، ولا مذل، ولا معطي، ولا مانع، ولا قابض، ولا باسط إلا الله عز وجل، الحمد لله رب العالمين.
كل إنسان يتلقى من الله عز وجل تربيتين ؛ تربية لجسمه، وتربية لنفسه:
الإله نفسه رب العالمين، الممد، هذا عطاؤنا، المياه من عطاء الله عز وجل، نهر الأمازون ثلاثمئة ألف متر مكعب بالثانية ، نبع الفيجة أحياناً بأيام الخير يفيض، يلبي حاجة دمشق بكاملها ويفيض عن حاجتها، نصف كثافته يرفد بها نهر بردى، ربنا ممد فأمدنا بالماء.
أحياناً يكون هناك شح في الماء، ترى النباتات صفراء، قال لي صديق: والله دفعت في الأسبوع الماضي خمسمئة ليرة، كل أربعة أيام أدفع خمسمئة ليرة ثمن ماء لسقي المزروعات في المزرعة، الأمر صعب جداً وإلا تموت الأشجار، فالذي أمدنا بالماء هو الله سبحانه وتعالى، نهر الفرات يبلغ عرضه أحياناً في أيام الفيضانات أحد عشر كيلو متراً، بعمق كبير جداً، الآن إذا مشى الإنسان فيه لا يتجاوز مستوى الماء ركبتيه، الحمد لله رب العالمين على عطائه، وعلى منعه، عطاؤه عطاء، ومنعه عطاء، الحمد لله رب العالمين، المُمِدُّ بكل نعمة، لكن ربنا عز وجل يمد هذه الأجسام بكل ما تحتاجه من الهواء، إلى الماء، إلى الطعام، إلى الشراب، إلى كل شيء، سواء أكان هذا الشيء أساسياً أو ثانوياً، الأساسي الطعام والشراب، والثانوي الأزهار هل تؤكل هذه ؟ لا، هذا الجمال الذي بثه الله في الأرض، هذه السماء التي زينها بالنجوم، هذه الأماكن الجميلة التي جعلها منتجعاً لنا كلها من عطاء الله، الحمد لله رب العالمين.
لكن معنى الربوبية يشمل التربية النفسية أيضاً، فكل أنواع المصائب مشتقة من قولـه تعالى: الحمد لله رب العالمين، الأب مثل مصغر، يمد ابنه بكل ما يحتاج، حاجاته، أدواته، كتبه، دفاتره، ألبسته الصيفية والشتوية، غرفته بما فيها من تدفئة، طاولة إنارة، سرير، وسائد مثلاً، فرش وثيرة، أغطية مناسبة صيفية وشتوية، هذا إمداد، فإذا ضبطه يكذب فقد يضربه، والضرب أيضاً تربية، فالتربية لها معنيان ؛ معنى الإمداد بما تحتاجه من مواد، والمعنى الثاني التربية النفسية، فكل إنسان يتلقى من الله عز وجل تربيتين ؛ يتلقى تربية لجسمه، ويتلقى تربية لنفسه، فكل ما يحدث لك فهو من الله عز وجل، بناءً على واقعك، وعلى نفسيتك، الحمد لله رب العالمين.
الله سبحانه وتعالى رحمن رحيم ؛ رحمن في ذاته، رحيم في أفعاله:
في درس سابق قلت لكم: إن كلمة "رب" تقتضي العلم، وتقتضي الخبرة، وتقتضي الغنى، وتقتضي الإشراف الدائم، وتقتضي الحكمة، وتقتضي الرحمة، لا بد أن يكون رب العالمين قوياً، وغنياً، وحكيماً، وعليماً، وخبيراً، ورحيماً، وقيوماً، دائم الإشراف، لا يُسمى المربي ناجحاً إذا غاب عن الذي يربيه، لا يُسمى المعلم ناجحاً إذا تغيب عن الطلاب، لا بد أن يكون رب العالمين قوياً، وغنياً، وقديراً، وحكيماً، ورحيماً، ودائم الإشراف، وقيوماً، الحمد لله رب العالمين.
كلمة "رب" فيها عطاء، ربنا عز جل ما قال: الحمد للإله، ما قال: الحمد للخالق، بل قال: الحمد لله رب العالمين، أي أن لك رباً، ذات مرةٍ سمعت في الطريق رجلاً يقول وهو في حالة غضب: مَنْ ليس له أب ليس له رب ؟ تأثرت بهذه الكلمة، قد ينشأ أحدنا يتيماً ولا أب له، لكن الله موجود.
وإذا العناية لاحظتك جفونها نم فالمخاوف كلهن أمان
***
إذا أعطاك فمـن يمنعــه ثم من يعطي إذا ما منعك
***
كن مع الله تر الله معــك واترك الكل وحاذر طمعك
***
﴿الحمد لله رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) ﴾
الرحمن في ذاته، الرحيم في أفعاله، ذاته رحيمة، هناك تطابق كامل بين أفعاله وبين ذاته، أحياناً تكون هناك مسافة بين الإنسان وبين أفعاله وبين نفسيته، هناك مسافة بين أفعاله وبين نفسيته، قد يفعل عملاً فيه رحمة ولكن قلبه قاس كالحجر، الظروف اضطرته لذلك، ذكاؤه أرشده لذلك، لكن الله سبحانه وتعالى رحمن رحيم ؛ رحمن في ذاته، رحيم في أفعاله.
الرحمن يعذب أما الرحيم لا يعذب:
قال سبحانه حكاية سيدنا إبراهيم:
﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً (45) ﴾
(سورة مريم)
الرحمن يعذب أما الرحيم لا يعذب، انظر إلى دقة الآية السابقة، ربنا عز وجل رحمن في ذاته، تقتضي رحمته أن يسوق لعبده بعض الشدائد، هذه الشدائد تُسمى شدائد، أما الرحمة فهي رخاء، لذلك قال ربنا عز وجل:
﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147)﴾
(سورة الأنعام)
انظر الإعجاز أي تقتضي رحمته ألا يرد بأسه عن المجرم، قال تعالى:
﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً (45) ﴾
(سورة مريم)
الرحيـم صفة أفعاله، أما الرحمن صفة ذاته، ماذا بقي ؟ هو الإله، وهو الرب، وهو الرحمن الرحيم، والرحمن الرحيم اسم جامع لأسماء الله الحسنى، فقوته من رحمته، ولطفه من رحمته، وبطشه من رحمته، وأفعاله نابعة من رحمته، لذلك هناك أسماء جامعة، الرحيم من الأسماء الجامعة.
إذا جاء يوم الدين فلا اختيار لك وكل شيء أصبح ملكاً لله وحده:
لكن:
﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) ﴾
لو عقلنا معناها لارتعدت فرائصنا، أنتم الآن مخيرون ما دام في القلب حياة، ما دام القلب ينبض فأنت مخير، كل شيء ممكن الآن، الإصلاح ممكن، والتوبة ممكنة، قال تعالى:
﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى (82) ﴾
(سورة طه)
لكن:
﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) ﴾
إذا جاء يوم الدين فلا اختيار لك، هذه الأمانة التي أودعها الله فيك، هذا التكليف وهذا الاختيار الذي منحك الله إياه، هذا الكون الذي وهبه الله لك، هذا العقل والفكر الذي ميزك الله به كله انتهى،
﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) ﴾
وهو في الدنيا مالك، وأنت مختار، لكنه في الآخرة ملك كل شيء، وملك اختيارك، إذاً لا تستطيع أن تفعل شيئاً يوم الدين، يوم الجزاء، الدنيا دار عمل، والآخرة دار جزاء، قال عليه الصلاة والسلام:
(( عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ))
[ أخرجه الشيرازي والبيهقي عن جابر ]
افعل ما شئت، أعط أولا تعط، اعدل أو اظلم، أحسن أو لا تحسن، اعملوا ما شئتم فإن يوم الدين هو يوم الجزاء، عاملت زوجتك بالإحسان، فهو لك، وإن أسأت فعليك، أنفقت مالك في سبيل الله فهو لك، لم تنفق فمغبة البخل عليك.
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ (286) ﴾
(سورة البقرة)
وقال:
﴿ مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44) ﴾
(سورة الروم )
الآية التالية تحض على العمل الصالح:
﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) ﴾
إذا جاء ملك الموت انتهى كل شيء، الاختيار انتهى، والأمانة انتهت، والشهوات نزعت، والكون طوي، والفكر تعطل، كل شيء انتهى، يوم الدين يوم الجزاء والله مالكه، أما الآن فأنت تملك الاختيار، مخير أن تتوب أو لا تتوب، أن تسيء أو تحسن، لكن يوم الدين ينتهي فيه الاختيار، كأن هذه الآية تحضك على العمل الصالح، فإياك أن تصل إلى هذا اليوم وليس لك عمل صالح تلقى الله به، لذلك:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) ﴾
(سورة آل عمران)
يوم الدين يوم جزاء، نحن الآن في يوم عمل، في العام الدراسي مثلاً، الطالب يأتي للمدرسة، يحب أن يدرس أو لا يدرس، يجتهد أو لا يجتهد، يراجع أو لا يراجع، يذاكر أو لا يذاكر، يكتب وظائفه أو لا يكتبها أو ينقلها من رفاقه، يستطيع لأنه مخير، لكن إذا قُرع جرس الامتحان في آخر العام وطرحت الأسئلة هذا اليوم يوم الجزاء، وفي الامتحان يكرم المرء أو يهان، أما في أثناء العام الدراسي فلا إهانة للكسول، معه مهلة، أُعطي فرصة، ونحن الآن كذلك، الآن نحن في فرصة، أنت حر، تحب أن تأتي إلى هذا المجلس أو لا تأتي، هناك من يسهر وراء جهاز لهو، يقول لك: والله هذه المحطة أمتع، لكن تلك المحطة ناشفة وبرامجها هزيلة، اليوم دار عمل، لكن الآخرة دار جزاء، قالوا: الدنيا دار تكليف والآخرة دار تشريف، في الآخرة انتهى الاختيار وانتهى التكليف، انتهت كلمة حرام وحلال، أنت في جنة عرضها السماوات والأرض، لا غض بصر في الآخرة، ولا استيقاظ لصلاة الصبح باكراً، وليس هناك بذل مال، ولا مشي في الشمس، ولا حر، في جنة عرضها السماوات والأرض.
جزاء المؤمن يوم الدين كما وردت في بعض آيات الذكر الحكيم:
قال ربنا عز وجل:
﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) ﴾
(سورة يس)
هنيئاً لهم، هذا الوقت:
﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) ﴾
(سورة الصافات)
وقال:
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) ﴾
(سورة المطففين)
وقال:
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) ﴾
(سورة الذاريات)
وقال:
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) ﴾
(سورة الحاقة)
جمع القرآن في الفاتحة:
نحن الآن في دار عمل، ويوم الدين دار جزاء وحساب، أما إذا وصل الإنسان إلى يوم الدين فقد انتهى كل شيء، انتهى اختياره، وانتهت الفرص كلها، أمّا الآن فالفرص كلها مفتحة، أبواب الرحمة مفتحة، أبواب التوبة مفتحة، أبواب الاستقامة مفتحة، أبواب العمل الصالح مفتحة، لكن إذا جاء يوم الدين انتهى كل شيء، انتهت حرية الاختيار، انتهت الدنيا، ليس التعامل هناك بالأموال بل بالحسنات والسيئات، يؤخذ من حسنات المسيء ويعوض بها عما اغتصبه:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) ﴾
(سورة الشعراء)
بعد هذه المقدمة:
﴿الحَمدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) ﴾
حينمـا قال النبي عليـه الصلاة والسلام:
(( جمـع القرآن في الفاتحة ))
[ورد في الأثر]
والله معه الحق، لأن كل شيء في الفاتحة، الألوهية، والحمد، والربوبية، واسم الله الأعظم:
﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾
والمصير الذي لا مفر منه،
﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
الآن موقفك المنطقي ؛
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾
لو أن الله عز وجل قال: نعبد إياك لاختلف الأمر، إذا سبق المفعول به الفعل فهذا أسلوب الحصر ؛ أيْ نعبدك ولا نعبد أحداً معك، لو قال: (نعبد إياك) شيء، و(إياك نعبد) شيء آخر، لذلك فإن أعلى مرتبة يبلغها الإنسان في الأرض أن يدرك أن حق العبادة لله وحده، وأعلى مقام بلغه النبي أنه كان عبداً لله، عبداً حقيقياً، فتطابقَ اختياره مع أمر الله تماماً، نحن أحياناً لا يتطابق اختيارنا مع أمر الله، نطبق مثلاً تسعين بالمئة، وهناك مثلاً عشرة بالمئة لم تطبقها في عملك، فلست إذاً عبداً كاملاً، أما العبودية الكاملة أن يكون اختيارك موافقاً مئة بالمئة لما أمر به الله عز وجل، إذاً أنت عبد لله، وإن لم تكن عبداً لله فلا بد أن تكون عبداً لشهواتك:
(( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ ))
[ البخاري عن أبي هريرة ]
إن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لشهوتك، وإن لم تكن عبداً لشهوتك فأنت عبد لعبد من عبيد الله، فأنت عبد لعبد لئيم، كن للهِ عبداً فعبد الله حر.
العلة الكبرى لخلق الإنسان على وجه الأرض أن يعبد الله:
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾
إن العبادة طاعة تامة، مبنية على معرفة، ومنتهية بسعادة، التعريف الدقيق: طاعة تسبقها معرفة، وتعقبها سعادة، وإلا لما كانت لها هذه الأهمية، قال تعالى:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ﴾
(سورة الذاريات)
العلة الكبرى لخلق الإنسان على وجه الأرض أن يعبد الله، أي أن يعرفه فيطيعه ويسعد بقربه،
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾
لا نعبد إلا إياك، قال تعالى:
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)﴾
(سورة الأنبياء)
التوحيد والعبودية لله عز وجل قال تعالى:
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)﴾
(سورة الأنبياء)
وقال:
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)﴾
(سورة طه)
والله هذه الآية تكفي، الكافر عنده أمل طويل.
الركوع هو الإعلان عن الخضوع لله والسجود هو طلب العون منه:
قال تعالى:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28) ﴾
(سورة الكهف)
نهيٌ إلهيٌ عظيم جداً
﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
قال تعالى:
﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) ﴾
لكن العبادة لله عز وجل تحتاج إلى عون من الله عز وجل، فأنت في الركوع تعلن عن خضوعك لله، وفي السجود تطلب العون منه، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
(( لكل سورة حظها من الركوع والسجود.))
[البيهقي عن أبي العالية]
تقول:
﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ﴾
الأنبياء الصديقين، الصالحين، المؤمنين، أهل العقل، أهل اللب الطيب، وذوي النفوس الزكية.
الفرق بين " المغضوب عليهم" و "الضالين":
قال تعالى:
﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ﴾
هناك أناس عرفوا وعصوا هؤلاء الذين غضب الله عليهم، وهناك أناس ما عرفوا الله عز وجل فهؤلاء هم الضالون:
﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ﴾
يقول لك الله عز وجل وكأنه يخاطبك في الصلاة:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) ﴾
(سورة النور)
في الركوع تقول: "سبحان ربي العظيم"، أي خضوعاً لك يا رب بهذا الأمر، أنا خاضع لك، أنا مطيع لك، في السجود تقول: "سبحان ربي الأعلى"، يا ربي أعني على تنفيذ هذا الأمر، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
(( لكل سورة حظها من الركوع والسجود.))
[البيهقي عن أبي العالية]
آيات من الذكر الحكيم عن ضعف الإنسان:
كل آية تقرؤها في الصلاة لها ركوع خاص بحسب مضمونها، ولها سجود خاص بحسب مضمونها، تبدأ:
﴿الحمد لله رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ﴾
لا نعبد إلا إياك، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لكننا ضعاف:
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً (28) ﴾
(سورة النساء)
وقال:
﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) ﴾
(سورة يوسف)
إذا أراد ربك إظهار فضله عليك خلق الفضل ونسبه إليك:
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
على عبادتك، إذا أراد ربك إظهار فضله عليك خلق الفضل ونسبه إليك.
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) ﴾
عندئذ تتوجه إلى الله عز وجل:
﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ﴾
هؤلاء الناجحون، هؤلاء المفلحون، هؤلاء المؤمنون السعداء في الدارين، الذين عرفوك، وأطاعوك، وتقربوا إليك، وعقلوا عنك، وسعدوا بقربك،
﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾
من يطع الله ورسوله يحشره الله عز وجل مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ﴾
هؤلاء الذين عرفوا الله، وحادوا عن شريعته، سمعنا وعصينا، هذا الذي يقول: نحن عبيد إحسان ولسنا عبيد امتحان، وثمة أدعية من صنع أحدهم: أمرتنا فما ائتمرنا، ونهيتنا فارتكبنا، ولا يسعنا إلا فضلك، هؤلاء مغضوب عليهم.
﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ﴾
البطولة أن تقرأ الفاتحة وأنت متمثل لمعانيها:
عرفت الله وتعصيه، قال رجل لابن الأدهم: ائذن لي بالمعصية، قال: أشياء خمس إذا فعلتها لن تضرك المعصية، قال: وما هي ؟ قال: إذا أردت أن تعصيه فلا تسكن أرضه، قال: وأين أسكن إذاً ؟ قال: فكيف إذاً تسكن أرضه وتعصيه ؟ قال: الثانية ؟ قال: إذا أردت أن تعصيه فاجهد ألا تأكل من رزقه، قال: وماذا آكل إذاً ؟ قال: كيف إذاً تسكن أرضه، وتأكل رزقه، وتعصيه ؟ قال: هات الثالثة، قال: إذا أردت أن تعصيه فاجتهد ألا يراك، قال: وكيف لا يراني وهو رب العالمين ؟ قال: تسكن أرضه، وتأكل رزقه، وتعصيه، ويراك ؟! لذلك:
﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ﴾
نختم هذا الدرس بقوله عليه الصلاة والسلام:
(( القرآن كله في الفاتحة ))
[ورد في الأثر]
تقرؤها في كل ركعة:
(( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ))
[متفق عليه عن عبادة بن الصامت]
البطولة أن تقرأ الفاتحة، وأنت متمثل لمعانيها.
﴿ الحمد لله رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ﴾
الإنسان عندما يطيع الله عز وجل وهو مفتقر إليه يعينه على طاعته:
عند إياك نعبد، وإياك نستعين بدأ موقفك العملي، ما دام الله سبحانه وتعالى رب العالمين، وهو الرحمن الرحيم، الذي لا إله إلا هو، يُحمد على كل شيء، فماذا تنتظر ؟!!
والحمد لله رب العالمين