العقل منة وهبة من الله ، به ميزنا عن سائر خلقه لنتحمل أمانة عجزت عنها السموات والأرض ، والتي من خلالها نميز بين الصواب والخطأ ،بين الخير والشر ، وبين الصراط المستقيم ، والسبل المتفرقة التي تقود الإنسان إلى الضلال والهاوية ، وما جعل العقل في الإنسان إلا ليحكم في الأفعال والأقوال في الحركات والسكنات ، وتقدير الأمور وعواقبها ، والتبصر في الكون وكائناته وآفاقه وعلومه، والوقوف بإجلال أمام قدرة الخالق وعظمته ، ومن هنا كان العذاب بانتظار من غيب عقله عن فهم حقيقة خلق الكون وإتباع الهدى والرشاد يوم القيامة بان يضرب ذلك الإنسان ، وعلى ناصيته وهي منطقة الدماغ واتخاذ القرارات بل هي منطقة العقل ، والذي كان الأولى أن يقود صاحبه إلى بر الأمان ففي قول الله سبحانه وتعالى ( ناصية كاذبة خاطئة ) لنا ألف عبرة ، فهل يمكن أن نتصور حياتنا في ظل غياب العقل ، وعدم تدبير الأمور والانتباه إلى العواقب . إن الأزمة التي يعيشها المجتمع من ازدياد في وتيرة العنف المرير ، والذي بات يحصد أرواح المئات من الشباب مخلفا العديد من الأمهات الثكلى والعائلات الممزقة زارعا مظاهر الحقد والكراهية ، والبحث عن الانتقام حتى وصل الأمر إلى التشهير والطعن في أعراض الناس ببيانات مشبوهة ما كانت يوما وسيلة من وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا ندري أين سينتهي بنا المطاف ، ما دمنا لا نحرك ساكنا وقد تملكنا العجز وفقدنا عنصر المبادرة والقوة، وباتت المبادرة في أيدي شباب طائشين قد اجروا عقولهم وتركوها تسبح وتجري خلف سراب الهوى والطيش واللامبالاة والاستخفاف بكل القيم والأعراف، لا يمكن للعقل أن يتصور حجم الكارثة والمأساة التي يمكن أن يجلبها شاب واحد طائش قد غيب عقله وجرى خلف جنونه وتهوره بلا حساب للعواقب ، ولا للمعاناة التي يمكن أن يسببها لأهله ومجتمعه وبالذات عندما يكون الحديث يدور حول مجتمعات مركبة ذات قضايا حساسة ، وما جرى في إحدى البلدان القريبة منا حيث قام شاب متهور لا يبلغ من العمر السادسة عشر ببث صورة مصطنعة فاضحة لفتاة من بلده على شاشات الانترنت لتعم الفوضى ، والدمار والخراب ، من حرق للبيوت وتهجير للأهل لهو اكبر عبرة لنا جميعا وخاصة جيل الشباب، بحيث بات محتما عليهم التفكير مليا قبل الإقدام على أي فعل أو عمل ، أصبح واجب على الجميع وخاصة جيل الشباب بحكم الاندفاع والتسرع وحب المغامرة الذي يسري في عروقهم أن يضبطوا كل ذلك برجاحة العقل .
ايها الشاب وانت تقود سيارتك فكر في المعاناة التي يمكن أن تسببها لأسرة بأكملها مدى الحياة، يمكن بعمل طائش أن تدخل الشر على اهلك وبيتك وبلدك ، يمكن أن تجد نفسك خلف قضبان العقاب سجينا تندب حظك وتعض اصابع الندم ، كل ذلك ان غيبت عقلك وركضت خلف طيشك وجنونك.
ايها الشباب بكم الاولى ان تنهض المجتمعات والشعوب والامم ، فاحفظوا عقولكم من الضياع وانهلوا من مناهل العلم والمعرفة لتعمروا حياتكم ويسعد بكم اهلكم.
منقول